قصص جحا
ضيف عزيز
قال جحا:
زارني رجل غريب الوجه. عجيب الخلق تبينت منذ اللحظة الاولى انه عابر
سبيل , فلقيته بالبشاشة والمرح, ورحبنا به اجمل ترحيب , فأني اعرف ان اكرام الضيف واجب, وان لهذا عند الله ثواب عظيم.
وبعد ان بادلت الرجل التحيات والسلامات قلت له:
ان الوقت وقت غداء وانت قادم من سفر وليس كالسفر قدرة على انهاك
الاجسام وهضم الطعام .. فهل لك ان تتفضل مشكورا بتناول الطعام عندي ..
ولكن الرجل هز رأسه قائلا :
لعلك تعذرني في هذا فانني لا اجد شهوة لي في الطعام, هز الرجل رأسه
مليبا قائلا:
والله لا بأس من جبر الزاد اكراما لك ولحسن حظ الرجل ..او شئت فقل
لسوء حظي أنا ,ولخراب بيتي أن زوجتي لم تكن في البيت ..والا لكان وجودها مانعا عن
تلك الكارثة التي حلت بمعاشنا وزادنا ..
فقد نهضت بنفسي واحضرت اربعه أرغفة من الخبز النقي الشهي كأنها والله
في استدارتها وبياض صفحتها اربعه اقمار.
ثم وضعتهم بين يدي الرجل, وعدت الى داخل البيت لأحضر له ما يجب من
الطبيخ ..ولكني عندما رجعت وجدته قد اتى على الأرغفة الاربع فوضعت امامه من
الاواني والاطباق ممتلئة بالطبيخ ,وعدت اليه ثانيه لا حضر له اربعه أرغفة اخرى
ولما رجعت وجدته قد اتى على ما في الاواني والاطباق والخبز.
وهكذا اخت اعيد الكره المرة بعد الاخرى احضر الخبز.
ثم احضر الاطباق وهو ينسف كل ما يقدم اليه نسفا ,حتى اتى على كل ما
عندنا من خبز وطبيخ. وكان يجلس متلمظا كأنه يطلب المزيد.
وأخيرا
جلست الى جانب الرجل بعد تلك المعركة الطاحنة اتأمل خلقته العجيبة
وسحنته الغريبة وقلت له:
الى أي بلدد يقصد الشيخ؟
الى بغداد ان شاء الله .
الك اهل فيها او عمل؟
كلا ولكني اشكو مرضا في المعدة منذ عامين قلل من شهوتي الى الطعام
..وقد سمعت ان بغداد طبيبا حاذقا له في طب المعدة خبرة وتجربة .
فقلت اقصد اليه لعل ان يكون على يديه الشفاء لي من هذا الداء وتعود
الي شهيتي كما كانت من قبل.
ضحكت طويلا حتى كاد ان يغمى علي من كثرة الضحك ثم قلت له:
كتب الله لك السلامة في سفرك وفي معدتك, ولكن بربك اذا قدر لم ان تعود
من بغداد فلا تجعل طريقك من هذا البلد او تمر على هذا البيت وارى سحنتك..
اشتمي بلغة اخرى
قال جحا لزوجته خلال احدى مشاجرتها معه..
انني لا امانع في انك توجهي الي الشتائم..
وقالت زوجته :
وهل هذا يغضبك..؟
بالطبع ..لا ولكن ارجو ان تشتميني بأي لغة غير اللغة العربية حتى لا
يفهمها الجيران.
صلي من اجلي
اعطى احد الاغنياء جحا خمسمئة درهم وقال له :
ارجوا ان تدعو من اجلي عقيب كل صلاة من الصلوات الخمس.
فأخذ جحا أربعمائة وخمسين درهما منها واعاد اليه الخمسين درهما قائلا:
ياسيدي ان الليل قصير كما ان اللسان السفيه طويل ,فعفوا لأني لا اقوم
لصلاة الصبح ,بل اصلي الصبح قضاء ,فلا حق لي باجر صلاة الصبح تماما, واستحي من
الله تعالى أن اخذها ,وبارك الله فيما رزق.
خذ الدراهم انت ايها القاضي
بينما كان جحا يسير في السوق اذ شعر بصفعة قويه تنزل فوق قفاه فالتفت
خلفه فزعا وقال .. ما هذا ؟
فقال الرجل الذي صفعه:
معذرة يا صديقي اذ حسبتك احد اصدقائي الذين لا فرق بيني وبينهم.
ولكن الاعتذار لم يقبله جحا ,فذهب بالرجل عند القاضي وقص عليه ما حدث.
ولسوء حظ جحا كان الرجل من اصدقاء القاضي فلما راه جحا وسمع دعواهما
,اذ كلب من جحا اان يصفع الرجل كما صفعه فلم يوافق جحا على ذلك.
فقال القاضي:
ما دمت غير موافق على هذا الحكم, فأنا احكم بأن يدفع لك مائة درهم عدا
ونقدا.
فوافق جحا .. وقال للرجل:
اذهب انت ايها الرجل واحضر المائة درهم.
وذهب الرجل على الفور ..بل جرى مسرعا.
وظل جحا ينتظر مجيء الرجل عدة ساعات ..ولكنه لم يحضر, فأيقن أن القاضي
قد اعطى الفرصة للرجل للفرار .
فنظر جحا الى القاضي فوجده مستغرقا في الاوراق التي امامه,فتقدم خلفة
ورفع يده عاليا, وهبط بها على قفاع قائلا:
انني مشغول جدا وليس عندي وقت للانتظار. فخذ انت الدراهم اذا جاء بها
الرجل .
وانصرف جحا.